الرقابة
تشكل الرقابة، التي تفرض على وسائل الإعلام، ومن بينها الصحافة،
أهم المشاكل التي تواجه الصحفي، في تلك الدول. ويوجد نمطان رئيسيان لممارسة
الرقابة في المجتمعات الناميـة:
أولاً: الرقابة المباشرة أو المتطورة، وتتخذ الأشكال التالية:
1.
الرقابة السابقة على النشر، بمعنى وجود
رقيب مقيم في المنشأة الإعلامية، يمارس عمله، ضمن وزارات الداخلية، أو الدفاع، أو
الثقافة، أو الإعلام، فيقرأ كل مادة صحفية، قبل أن تنشر، ويجيز أو لا يجيز النشر.
وقد يحذف بعض الفقرات، أو الأجزاء، من هذه المادة، حتى يسمح بنشرها وفي الصحافة
الإلكترونية تتم الرقابة من خلال طلب
ترخيص وشروط معينة لصاحب الصحيفة الإلكترونية عكس ما هو متعارف عليه في الغرب الذي
يتم من خلال إخطار فقط
2.
الرقابة، بعد
النشر، وقبل التوزيع، بحيث يمنع توزيع عدد يحتوي على مادة صحفية، غير مطلوب وصولها
إلى القراء، من خلال ضبط أعداد الصحيفة المعدة للتوزيع من المطبعة، ومنعها من
التداول.
3.
الرقابة بعد
التوزيع، حيث يتم جمع أعداد الصحيفة، من السوق، ومصادرتها، وقد يتم إدارياً أو
قضائياً وفي الصحافة الإلكترونية يتم من خلال حجب صفحة فقط في موقع إلكتروني
ثانياً: الرقابة غير المباشرة،
ويمكن أن تتخذ الأشكال التالية
1.
إصدار قائمة
بالتعليمات، أو التوجيهات الحكومية، حول بعض الخطوات الخاصة بالنشر، والتي يقال،
عادة، إن المصلحة القومية تقتضيها.
2.
التدخل في
أسلوب المعالجة الصحفية، المتصلة بأحداث أو قضايا معينة.
3.
تعرض
الإعلاميين لبعض أشكال الضغط المادي (السجن ـ الطرد من الخدمـة ـ التعذيب) أو
الضغط المعنوي (الإغراء ـ الترهيب ـ المنع من الكتابة ـ النقل على عمر آخر).
4.
فرض الرقابة
باستخدام مسميات وتعبيرات ـ قد يراها البعض أنها غامضة أو مطاطة ـ كالصالح العام،
والمصلحة القومية، والحفاظ على الوحدة الوطنية، والأمن القومي، والمقومات الأساسية
للمجتمع، أو حماية النظام العام. وهذه كلها قد تمتد لتصبح ستاراً تحمي به السلطة
العامة نفسها، والأشخاص العاملين، من النقد.
5.
الرقابة التي
قد يمارسها رئيس التحرير، أو المحرر المسؤول.
6.
وضع قيود على
حرية استقاء الأنباء، من مصادرها، وحرية الرجوع إلى مصادر الأخبار.
ويطرح البعض مبررات عديدة لفرض الرقابة، في المجتمعات النامية، مثل:
1.
إن الأفكار،
التي تطرحها وسائل الإعلام، زائفة وباطلة أو خطيرة، من وجهة نظر بعض المسؤولين.
2.
ادعاء فئة من
المجتمع، مثل الصفوة، لنفسها الوصاية على بقية فئات المجتمع، بدعوى أنها تفهم أكثر
من الآخرين، ومن ثم تفرض الرقابة على أفكار معينة، ويكون الهدف الحقيقي، من ذلك،
هو الحفاظ على الأوضاع القائمة، التي تخدم مصالح هذه الفئة، وتبقى على سيطرتها على
السلطة.
3.
فرض الرقابة
على الأفكار، التي تنتهك حرمة الآداب العامة، أو تخدش الحياء، أو الأخلاق العامة.
4.
فرض الرقابة
على الأخبار والصور والبيانات التي ترى السلطة أنها سرية، وأن إفشائها يضر بالأمن
القومي، أو الصالح العام، والنظام الاجتماعي، من دون تحديد ـ من وجهة نظر البعض ـ
للمقصود بهذه التعبيرات، أو حدودها.
أمَّا في الدول المتقدمة، خاصة في أوروبا، والولايات المتحدة، فثمة
نوع آخر من الرقابة المعنوية لأداء وسائل الإعلام، في إطار فلسفة المسؤولية
الاجتماعية، تتضمن بعض المؤسسات التي تراقب أداء وسائل الإعلام في المجتمع، بقدر
من الحرية المسؤولة، مثل مجالس الصحافة، ومواثيق الشرف الإعلامية، وجمعيات
واتحادات الصحف، التي تضم تجمعات المباشرين والمحررين، ونقاد الصحف، والمحكمين،
والجمهور وجماعات الضغط.
وهناك نوع آخر من الرقابة، يرى بعض الباحثين، أنه آخر أشكال
الرقابة الحالية لوسائل الإعلام العربية، وهو الرقابة الذاتية، التي يمارسها رؤساء
التحرير، والصحفيون، والكتاب، من تلقاء أنفسهم، من دون الحاجة إلى رقيب رسمي.
ويقسمها الدكتور سليمان جازع الشمري إلى قسمين، يترتب عليهما،
اختلاف في تعريف معنى هذه الرقابة ومصادرها:
القسم الأول: الرقابة الذاتية السلبية، التي تخضع
للظروف الخارجية، كالضغوط الحكومية المباشرة، وغير المباشرة.
القسم الثاني: الرقابة الذاتية الإيجابية، التي تخضع
لصياغات، والتزام، وضمير الصحفي، أو الكاتب.